١٤٣٠/٠١/٢٢







باحثة عن مرفأ









قلت له .. وأنا أطالع السماء الساكنة



في ليل ربيعي حالم ..



كنت أطالع البريد كعادتي كل ليله .....



أقضي وقتا مع رسائل لأناس لم أرهم ولم يروني



جميل أن تمارس مهنة البوح خلف ستار بحرية تحسد عليها ..



كان ينظر لي كأنما يرجو أن أعده أن أترك ذلك يوما ..





قال :لم تتغييري ..



كأن السنوات تتجاوزك لتضع خطوطها السحرية



على ملامح الناس وقلوبهم بينما يبقى قلبك لا يخضع لأي قانون ..


جميل هو حين يحاول تفسير فلسفتي المعقدة للأشياء ..




وجميل هو حين يسمع مني ولا يمل



قلت له :الملامح يا عزيزي تتغير كثيرا ..






لكن الحزن لا يتغير قلت له






كل الحروف التي تزرني هنا كل يوم تطرق









طرقا خفيفاً على بابِ لم أُغلقه يوماً



بل جعلته مواريا ليدخل فيه من يشاء



يختصر الوقت في زيارة مشروعة لحلم قديم ,



لا بأس أن تعرِّج عليه لتقرأ فيه مستقبل جنونك ..



ففي النهاية كل ما نكتبه هو نشرة نفسية لمن يهمه الأمر..




شربت ماتبقى من قهوتي بسرعة هذه المرة



خوفا أن تضيع مني حروفي


وقلت له :ما كان لي صديق لأخسره ..


أصدقائي سحقتهم دوامة الحياة تحت قطارها


فما عدت أسمع همهمتهم ,ولا خيال بطولاتهم


ومن بقي منهم تغيَّر فما عدت أفهم لغته


وما عاد يحتمل ترجمة لغتي ,لكني حين وجدت


عالم الحرف بدت لي المسافة واهية جدا ,


تفاجئك ألفة الحرف , فتبدأ حياة من خلال كتاب أو صفحة مفتوحة


يرتادها الناس فتحس أنك تستأنس الحياة في حدود هذه الصفحة ..


هو القلم إذن الأكثر بوحا,والأعمق جرحا .



أذكر أني قرأت مرة :أحيانًا، أعظم الرحلات


هي المسافة التي بين شخصين


فقلت :وأجملها حياةً وأعذبها ذكرى


حينما نحب


هل كل الحب دائمًا من أول نظرة؟


أم أننا نحب تلك العلائق الصغيرة التي تحكينا فيما بعد


تلك العقبات، التي تجعلنا نأخذ بأيدي بعضنا إلى طرف النهر الآخر.


تلك الفراشات التي نسابقها إلى نهاية الجسر المعلق


وتلك اللحظات التي نطاردها حينًا، وتطاردنا بعدها أحيانًا كثيرة؟



أثق أن مخاوفنا ساهمت في صنعنا, تمامًا كما فعلت بنا رغباتنا الجميلة..


كما الناس عشت أرى أن المرء كثير بإخوانه,


كنت أختبر الوفاء في قلوبٍ تائهةٍ,وأنشد حباً وسط ألغام اللاشيء .


اخترت أن أكون انثى لا ترى تماما


كتلك الأشياء غير المرئية التي تُحس فقط ,


أمر دائما بمحاذاة الحب ولا أقف ,


لأني راحل أبدا أمتهن الرحيل وأرجو المرفأ ولا مرفأ.


أتوق إلى الكلام الذي لا يقال بغير حرف صامت


لذا أخترع للصمت صوتاحين التقيت به


كنت على أبواب النضج ..


أحمل معي كل أشيائي وانكساراتي ,


وكل خيبات صداقاتي , ورغباتي


التي ماتت على نار هادئة من البحث ..


و هي بربيع الشباب ..وأحلام اخضراره ..


يقف أمامي قارع باب حرفي في قلبه لهفة الاكتشاف ..


منبهر بسراب شعاراتي ..


كانت ملامحي صارمة حين فتحت بريدي لأجد حرفه


يدعوني للولوج لعالمه.


كتب لي :تعبت من القلوب الموصدة في وجهي


تعبت من اصطياد القلوب العابرة فاجعليني هنا على حافة كتاب ..





كان رجل يختفي بين الحروف ..يلتحفه....

يثير متعتك لاختراق لغة السعادة بوجوده سعادة لغوية ..

كأنما بيته الكلمة وبعثرته حروف ..

وهمسه جملة نافرة..تلتقي به مصادفة

مختفي خلف صفحة شفافة كنت تمر بها ولا تثير انتباها ..

تلتقي به لثير زوابع داخلك

في حين تتلفع برداء البراءة تستجير من طوفانه بحرف مبهم فيغرقك أكثر ,

سريع التنقل بين الصفحات ليلقاك بأكثر من صورة ,


إلا صورته الحقيقة.

وكلما قرأته ازداد في عيني جمالا ,والتفافا حول الحلم ..

أريد لو أننا التقينا لنهزم سطوة الشوق ببرد اللقاء ..

لكن لا شيءَ واضحٌ معه، حتى اسمه لم أكن أعرفه ،

حكاية غريبةٌ حدَّ الخيال، كأحلامٍ ورديةٍ لا تكتملُ

إلا في روايةٍ من صنعِ مراهقة حالمة ..

كنت أسأل كيف الفكاك من وهم وجوده , والتفافه حولي؟

والمكان الوحيد الذي يمنحني شرعيةً للقاء أن يكون لقاء خلف دفة كتاب ..

وهو الذي حين يكتب يتوقف العالم في لحظة عن الدوران ..

يناجيني حرفه ..بل يجتاحني طوفانه ..

يحوم حولي ليفتك بي فأغدو عاطلة عن الفهم ..

يتوحد معي في كل شيء يمشي ويتنفس معي ..

أتوقف بين سطر وآخر ألتقط أنفاسي ..

أحلم لو أقلب الصفحة لألقاه

وأشتهي لو تعكس الحروف لون عينيه ..

ظنني لا أبالي فيستمر نزف حرفه بينما يصطدم حلمي به بالفراغ ..

حتما لم يكن هو المرفأ الذي أنشده لكنه كان عابر

عالجت جرحه بجرح أخر تركني أطببه زمنا ..

كان حباً صامتا وكنت عاشقة للغة الصمت ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق