قلت له :الملامح يا عزيزي تتغير كثيرا ..
شربت ماتبقى من قهوتي بسرعة هذه المرة
أذكر أني قرأت مرة :أحيانًا، أعظم الرحلات
هي المسافة التي بين شخصين
فقلت :وأجملها حياةً وأعذبها ذكرى
حينما نحب
هل كل الحب دائمًا من أول نظرة؟
أم أننا نحب تلك العلائق الصغيرة التي تحكينا فيما بعد
تلك العقبات، التي تجعلنا نأخذ بأيدي بعضنا إلى طرف النهر الآخر.
تلك الفراشات التي نسابقها إلى نهاية الجسر المعلق
وتلك اللحظات التي نطاردها حينًا، وتطاردنا بعدها أحيانًا كثيرة؟
أثق أن مخاوفنا ساهمت في صنعنا, تمامًا كما فعلت بنا رغباتنا الجميلة..
كما الناس عشت أرى أن المرء كثير بإخوانه,
كنت أختبر الوفاء في قلوبٍ تائهةٍ,وأنشد حباً وسط ألغام اللاشيء .
اخترت أن أكون انثى لا ترى تماما
كتلك الأشياء غير المرئية التي تُحس فقط ,
أمر دائما بمحاذاة الحب ولا أقف ,
لأني راحل أبدا أمتهن الرحيل وأرجو المرفأ ولا مرفأ.
أتوق إلى الكلام الذي لا يقال بغير حرف صامت
لذا أخترع للصمت صوتاحين التقيت به
كنت على أبواب النضج ..
أحمل معي كل أشيائي وانكساراتي ,
وكل خيبات صداقاتي , ورغباتي
التي ماتت على نار هادئة من البحث ..
و هي بربيع الشباب ..وأحلام اخضراره ..
يقف أمامي قارع باب حرفي في قلبه لهفة الاكتشاف ..
منبهر بسراب شعاراتي ..
كانت ملامحي صارمة حين فتحت بريدي لأجد حرفه
يدعوني للولوج لعالمه.
كتب لي :تعبت من القلوب الموصدة في وجهي
تعبت من اصطياد القلوب العابرة فاجعليني هنا على حافة كتاب ..
كان رجل يختفي بين الحروف ..يلتحفه....
يثير متعتك لاختراق لغة السعادة بوجوده سعادة لغوية ..
كأنما بيته الكلمة وبعثرته حروف ..
وهمسه جملة نافرة..تلتقي به مصادفة
مختفي خلف صفحة شفافة كنت تمر بها ولا تثير انتباها ..
تلتقي به لثير زوابع داخلك
في حين تتلفع برداء البراءة تستجير من طوفانه بحرف مبهم فيغرقك أكثر ,
سريع التنقل بين الصفحات ليلقاك بأكثر من صورة ,
إلا صورته الحقيقة.
وكلما قرأته ازداد في عيني جمالا ,والتفافا حول الحلم ..
أريد لو أننا التقينا لنهزم سطوة الشوق ببرد اللقاء ..
لكن لا شيءَ واضحٌ معه، حتى اسمه لم أكن أعرفه ،
حكاية غريبةٌ حدَّ الخيال، كأحلامٍ ورديةٍ لا تكتملُ
إلا في روايةٍ من صنعِ مراهقة حالمة ..
كنت أسأل كيف الفكاك من وهم وجوده , والتفافه حولي؟
والمكان الوحيد الذي يمنحني شرعيةً للقاء أن يكون لقاء خلف دفة كتاب ..
وهو الذي حين يكتب يتوقف العالم في لحظة عن الدوران ..
يناجيني حرفه ..بل يجتاحني طوفانه ..
يحوم حولي ليفتك بي فأغدو عاطلة عن الفهم ..
يتوحد معي في كل شيء يمشي ويتنفس معي ..
أتوقف بين سطر وآخر ألتقط أنفاسي ..
أحلم لو أقلب الصفحة لألقاه
وأشتهي لو تعكس الحروف لون عينيه ..
ظنني لا أبالي فيستمر نزف حرفه بينما يصطدم حلمي به بالفراغ ..
حتما لم يكن هو المرفأ الذي أنشده لكنه كان عابر
عالجت جرحه بجرح أخر تركني أطببه زمنا ..
كان حباً صامتا وكنت عاشقة للغة الصمت ...